الأربعاء، 18 أكتوبر 2017

رئيس الوزراء .. حضور يليق بحجم المعركة

الأحد, 06 أغسطس, 2017 08:18:00 مساءً
والشرعية مشغولة بمعركة التحرير ودحر قوى الانقلاب وعصابات الارهاب كادت عجلتها ان تتدحرج الى ما لا يحمد عقباه وسط مجموعات انقلابية حاولت استغلال الاوضاع المرتبكة بعد التحرير في عدن لركوب الموجة والقفز على شرعية الشرعية والطعن في خاصرة مشروع الدولة الاتحادية. وبينما قوى الانقلاب الرديفة في عدن تسابق الزمن لتحقيق حلمها بتكسير مجاديف الشرعية والسير بالبلد الى الخراب والاحتراب والمناطقية.

 ورغم الوضع الأمني الهش الذي ظلت تغذيه القوى المأزومة لعرقلة عودة الدولة الا ان رئيس مجلس الوزراء الدكتور احمد عبيد بن دغر حزم أمتعته بصحبة اعضاء حكومته ليحط رحاله في العاصمة المؤقتة عدن ليخوض معركة تفوق بتعقيداتها معركة البارود والنار في اعالي جبال نهم وسواحل المخا ومنذ الوهلة الاولى لوصوله ثغر اليمن الباسم وخلال فترة وجيزة تمكن من ضبط إيقاع الشرعية وازالة الغشاوة عن المجتمع بإعادة الخدمات وتدوير عجلة الاقتصاد والناس وهاهو صوت الشرعية ينمو بسرعة كبيرة وقوة متماسكة كشجرة اصلها ثابت وفرعها في كل الجغرافيا اليمنية. 

وزاد الشرعية حضورا وقوة تحركات الدكتور بن دغر الميدانية في المناطق المحررة ومناطق القتال فهاهو يزور مدينة وميناء المخا وينظر في احتياجات اهلها بعد دحر فلول الميليشيا كما انه قبلها كان برفقة ابطال الجيش الوطني في اخر نقطة تماس عسكرية بين الشرعية والمتمردين في منطقة كرش بمحافظة لحج ناهيك عن زياراته لمقر قيادة قوات التحالف العربي في عدن ليقطع بذلك الطريق على المتربصين ويضع البلسم على كل الجراح التي حاول الانقلابيون جنوبا وشمالا اللعب عليها وبها في محاولة بائسة لتفكيك هذا التحالف الاستراتيجي بين الشرعية ودول التحالف العربي .

 ولأن المقام لا يتسع هنا لذكر ما تم انجازه منذ عودة رئيس الحكومة الى عدن من مشاريع كبيرة في مجال الكهرباء خصوصا وبقية الخدمات الاخرى فإن المواطن اليمني عموما وابناء عدن ومحيطها خصوصا باتوا يلمسون تحسنا كبيرا في الخدمات ودورانا سريعا لعجلة التنمية لم تقتصر على عدن وحسب بل وصل صداها لمحافظة أبين خلال مدة قياسية بزيارة تاريخية لرئيس مجلس الوزراء مثلت تحديا عظيما من الشرعية لكل قوى الارهاب والمناطقية التي خابت مساعيها في عدن فأرادت التخندق في زنجبار علها تنجح في وأد نجاحات الحكومة والسلطة المحلية لكنها جرت أذيال الخيبة وهي ترى بأم عينها رئيس الوزراء يتجول في شوارع ابين متلمسا هموم المواطنين وموجها بحزمة من الاجراءات التي ستضمن تحقيق نقلة نوعية لطالما تمناها ابناء المحافظة منذ سنين طويلة.

يقول الحكماء (جودة العمل لا تأتي صدفة ابداً) وما قالوا الا الحقيقة فحتى افضل المتفائلين ما كان يتوقع أبدا ان الدكتور بن دغر وبظرف هذه المدة الزمنية القياسية ووسط كل هذه الامواج المتلاطمة والرياح العاتية سيتمكن من نزع فتيل الالغام لغما لغما ويعيد برمجة معركة التحرير بما يتوافق وطموح اليمنيين في مشروعهم الاتحادي وفوق ماسبق فقد نجح ايضا في نزع فتيل أزمة كادت ان تذهب بعدن الى مربع الاقتتال المشؤوم بين مختلف المكونات ناهيك عن تحريكه النموذجي لعجلة الشرعية مع قوى التحالف العربي في عدن حتى أن الجميع مواطنين ومسؤولين أعادوا صياغة تحركاتهم وتحالفاتهم بما يزيد من اواصر الترابط بينهم وبين الشرعية فكانت النتيجة كما نشاهد جميعا اليوم : تناغم رائع بين تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة ودعم الجبهات في مناطق القتال.! يصدح صوت الشرعية في جبال شمسان وعيبان فيجاوبه الابطال في جبال نهم وسواحل المخا وجبال صعدة ان الشرعية ماضية في طريقها حتى تحقيق المبتغى بتحقيق طموح اليمنيين بدولتهم الاتحادية.
لأنها المملكة العربية السعودية ولأنها دوما تؤكد على أن امن واستقرار اليمن جزء لا يتجزأ من امن السعودية والخليج العربي فقد كانت السباقة في كل مرة لمساندة اليمن متى ما اقتضت الحاجة لذلك والمساعدة لم تقتصر على الدعم الأمني والعسكري بل كان الدعم الاقتصادي والتنموي والانساني هو الأكثر حضورا حتى اضحى واقعا يعيشه اليمنيون في كل المناطق والمحافظات ويلمسونه في الطرقات والمدارس والمستشفيات ..
 
هذا الحضور السعودي الكبير في حياة المجتمع اليمني وهذا التقارب التاريخي والترابط الأخوي والتلاحم الشعبي بين ابناء اليمن والسعودية شكل صخرة عظيمة تحطمت عليها كل مؤامرات فارس التي ترى في اليمن جزء من موروثها التاريخي ابان امبراطورية كسرى وحكم باذان. ومع الوهلة الاولى لاستيلاء الخمينية على ايران سارعت الى التغلغل في الجسد اليمني مستغلة حالة التراخي الأمني والاضطراب السياسي والاقتصادي الذي ظلت اليمن حبيسته منذ الدقيقة الاولى لوصول صالح الى سدة الحكم . وباسم المشاريع الاستثمار تارة وباسم الدعم والسياحة والتعاون تارة أخرى دخلت فلول طهران اليمن وبدأت في رسم خارطة المشهد الذي تطمح إليه حتى وجدت ضالتها في كهوف مران ومنه انتشر سرطانها حتى ابتلع العاصمة واسقط الدولة وبينما كانت طهران تقرع الطبول احتفالا بصنعاء الرابعة كانت السعودية قد اتخذت قراراها بدعم اليمن والانتصار لشعبه فكانت عاصفة الحزم وكانت فرحة اليمنيين بالخلاص من مستقبل أسود تنهمر فيه البراميل المتفجرة فوق رؤوسهم وتعتلي فيه الصرخة الايرانية في مساجدهم وتدخل فيه الشركيات عقول اطفالهم ....
 
عاصفة الحزم ليست عاصفة عسكرية فقط فعلى الصعيد السياسي تمكنت السعودية بحضورها الدولي العظيم من انتزاع القرار الاممي 2216 الذي اعلن الانتصار للشرعية اليمنية وجرم الانقلاب وطالب الانقلابيين بالانسحاب من المدن والمحافظات ومؤسسات الدولة وتسليم السلاح  كما سارعت السعودية لفتح ابوابها لاستضافة كل رموز الشرعية وتكفلت برواتب الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وزودتهم بكل حاجيات العمل العسكري ومازالت ...
 
وعلى الصعيد الاعلامي فبعد ايام قليلة من انطلاق العاصفة فتحت السعودية ابوابها للاعلاميين اليمنيين واعادت بث القنوات الرسمية والاهلية ايضا واستضافت قنوات الشرعية وتكفلت بكل احتياجاتها ومازالت ..
 
اما في الجانب التنموي والاغاثي فقد تدفقت المساعدات السعودية بشكل غير مسبوق عبر مختلف المنظمات العالمية والامم المتحدة ناهيك عن الدور الكبير الذي يقوم به مركز الملك سلمان للاغاثة ولم تقتصر المساعدات على المناطق المحررة فقط بل وصلت حتى عمق صعدة والى اولئك الاطفال في القرى المهجورة حيث يختبئ قادة التمرد في كهوفها لتكشف بذلك زيف الادعاءات الحوثية وحجم الود والترابط والتكاتف الذي يربط بين الشعبين اليمني والسعودي..
 
وفوق كل ماسبق كان قرار الملك سلمان التاريخي بمنح نصف مليون يمني اقامات عمل في المملكة وهو العدد الذي لم يتمكن صالح من توظيفه منذ تولى السلطة قبل اكثر من ثلاثين عام ناهيك عن التسهيلات التي منحت لليمنيين في السعودية...
 
هذه العواصف السعودية الحانية تجاه اليمن وشعبه كسرت ودمرت المشروع الايراني وفتحت أعين اليمنيين على حجم الكذب والزيف والتدليس الذي تمارسه قوى الانقلاب ضد المملكة وبينت لكل ذي عقل أن اليمن والمملكة روحان في جسد واحد اذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ....
لا شيء بعث ناطق الحوثيين محمد عبد السلام من مرقده سوى مجلس عيدروس الزبيدي ورفاقه . فقد قدم الزبيدي ومن دار في فلكه مادة دسمة وقوية على طبق من ذهب لميليشيا الانقلاب في اليمن التي فشلت كل محاولاتها منذ عامين ونيف في تشكيك المجتمع الدولي بالشرعية حتى جاءهم عيدروس بهدية هي الاغلى في العالم بإعلانه التمرد على الشرعية في مناطق سيطرتها وهو ما يفتح الباب لقوى الانقلاب امام المجتمع الدولي للطعن في الشرعية الدستورية وستكون حجتهم قوية وحديثهم منطقي وكيف لا  يتقبله المجتمع الدولي ويتعامل معه وهو يرى الشرعية قد تفرخت الى شرعيات اخرى ترفض بعضها بعضا وتتجاوز المرجعيات الثلاث المتفق عليها كالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني والقرار الاممي 2216..
 
المصيبة لن تتوقف بتفريخ مفهوم الشرعية وتجاوزها بل أنه يصب في خانة خدمة ايران بالمقام الاول لأن انحراف بوصلة الشرعية وفقدانها لزمام الامور في مناطق سيطرتها سيدفع المجتمع الدولي والامم المتحدة الى التحرك بما يضمن الضغط لإيجاد حل سياسي يضمن بقاء الانقلاب كلاعب رئيسي وفاعل في الحياة السياسية وذلك سيتزامن بلا شك مع ايقاف كلي لعمليات التحالف العربي وهو ما يهدد بالمقام الاول أمن المملكة العربية السعودية فعدم القضاء النهائي على ميليشيا الحوثي وكسر شوكتها وقطع مخالبها وأذرعها العسكرية يعني منحها الوقت لالتقاط انفاسها واعادة ترتيب اوراقها وتموضعها بما يضمن شن هجمة جديدة على المملكة تكون فيها قد تعلمت من الدرس القديم وحازت على الدعم الايراني اللازم لضمان تحقيق الهدف الفارسي الكبير وهذا هو السبب الرئيس الذي يدفعنا للتأكيد أن أي دولة تنضوي تحت لواء التحالف العربي وتدعم هذه التحركات المشبوهة لعيدروس الزبيدي ورفاقه تدرك جيدا انها انما تضر المملكة العربية السعودية وتكبح جماحها وتخدم المشروع الايراني بخلط الاوراق بهذه الطريقة المريبة التي تمثل طوق النجاة الرئيسي والوحيد لعلي عبدالله صالح وجماعة الحوثي الانقلابية.
 
 وبالتالي أي تهاون من المملكة العربية السعودية على تمرد عيدروس ورفاقه يعني طعن شرعية الشرعية امام المجتمع الدولي وبالتالي طعن شرعية التدخل العربي في اليمن ومشروعية تدخله اصلا بل قد يذهب الى أبعد من ذلك برفع الغطاء الدولي عن تأييد محاربة الانقلاب تحت حجة انحراف عجلة الشرعية عن مسارها الصحيح وخروجها على الاجماع الوطني اليمني وانهيار تواجدها في مناطق سيطرتها  اما صالح والحوثي فلن يفوتوا الفرصة في مخاطبة المجتمع الدولي بأن الشرعية التي تصرون على مساندتها قد انقلب عليها بعض مسؤوليها ومن داخل مناطق سيطرتها منعوا عودة رموزها ...
 
بعد بيان رئاسة الجمهورية الرافض صراحة لهذا المجلس الجنوبي المشبوه اصبحت الكرة في ملعب المملكة العربية السعودية وكل دقيقة اضافية في عمر تمرد عيدروس ورفاقه تمنح الانقلاب في صنعاء حياة كاملة والاستمرار على هذا النحو من الركود سيفتح الباب لتغيير جذري في معادلة اليمن قد تقفز بالأحداث الى ما لا يحمد عقباه.